وبتلك النواحي نشأ وطلب العلم، وسمع على أبي الفتح الميدوي وغيره، وقرأ على أبيه القراءات وغيره، وتفقه بجماعة، ثم قدم القاهرة، وتزوج بابنة قاضي القضاة موفق الدين عبد الله الحنبلي، وباشر توقيع الحكم مدة طويلة، ثم ناب في الحكم عن القضاة بالقاهرة دهراً، وعلا سنة، وعرف بين الناس، واستمر على ذلك إلى أن طلبه الملك الظاهر برقوق في يوم الخميس ثالث عشرين جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وسبعمائة على حين غفلة وفوض إليه قضاء القضاة الشافعية، عوضاً عن قاضي القضاة صدر الدين المناوي بحكم عزله وحنق السطلان عليه، فباشر المذكور القضاء، وحسنت سيرته لتواضعه ومعرفته بالشروط والأحكام، ولعفته أيضاً عن كل قبيح، ودام إلى أن صرف بصدر الدين المناوي في خامس عشر شهر رجب سنة إحدى وثمانمائة، فلزم المذكور داره، وترك ركوب البغلة، وصار يمشي في الطرقات، وترك الاحتشام إلى أن توفي يوم الأحد أول شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وثمانمائة عن ثمانين سنة وقد هرم، رحمه الله، ودفن بتربة الصوفية خارج باب النصر.