قال زكي الدين: وقع لي في هذه الأبيات ست عشر ضرباً من البديع: اتفقت فيه الاستعارة في ثلاثة مواضع في افتضاح الحياء وبكائه وحيائه والمبالغة إذ جعلت الممدوح يفضح الحياء والبحر بجوده، والتفسير في قولي جوداً، وقولي من حياء منك، ولإغراق لما في جملة القافية من زيادة المبالغة، والترشيح بذكر الاستعارة الأولى للاستعارة الثانية، والتجنيس بين الحياء والحياء، والتورية في قول النظم الحبر، والترشيح للنورية بذكر البكاء فإن ذكره هو الذي رشح النورية، وصحة التقسيم في حصر القسمين الذي يضرب بهما المثل في الجود ولا ثالث لهما، والتصدير كون البحر مذكوراً في صدر البيت وهو قافيته والتعليل في كون العلة في بكاء الحياء والنظام البحر فضحهما بجوده، والتسهيم في كون صدر البيت نقيض العجز ويدل عليه، وحسن النسق في كون جمل البيت معطوف بعضها على بعض بأصح ترتيب، والإرداف لأني عبرت عن عظم الجود ببكاء الحياء من الحياء والنظام البحر، فهذا ما في تفاصيل البيت، وأما ما في جملة فبالمساواة لكون لفظه تالياً لمعناه وائتلاف لفظه مع معناه في كون ألفاظ البيت متلائمة مختارة لا يصلح موضع كل لفظة غيرها، ولم يحصل فيه من تعقيد السبك والتقديم والتأخير وسوء الجواز ما يوجب له الاشتغال، والإبداع لكون كل لفظة من مفرداته تتضمن نوعاً أو نوعين من البديع، انتهى ما قاله زكي الدين عن نفسه.