الأموال، وتجاوز عن الحد والمقدار في الظلم، ثم طلب الزيادة في الظلم والفساد وبذل للناصر أربعين ألف دينار، فولاه وظيفة الأستادارية، عوضاً عن تاج الدين عبد الرزاق بن الهيصم في يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر ربيع الآخرة سنة أربع عشرة وثمانمائة، فوضع يده في الناس بأخذ أموالهم بغير شبهة من شبهة الظلمة حتى داخل الرعب كل بريء، وكثر الشناعة عليه وساءت القالة فيه، فصرف في ذي الحجة من السنة وسر الناس بعزله سروراً كثيراً، وعوقب عقوبة لم تعهد مثلها في الكثرة حتى أيس منه كل أحد ورق له أعداؤه، وهو في ذلك يظهر من قوة النفس وشدة الجلد مالاً يوصف، ثم خلى عنه وعاد إلى ولاية قطيا، ثم صرف عنها، وخرج مع الناصر إلى دمشق من غير وظيفة، وشهد واقعته بها، فلما قتل الناصر تعلق بحواشي الأمير شيخ وقدم معهم إلى القاهرة وأعيد إلى كشف الوجه البحري. انتهى كلام المقريزي باختصار.
قلت: واستمر فخر الدين المذكور في كشف الوجه البحري إلى أن قبض الملك المؤيد شيخ على الأمير بدر الدين حسن بن محب الدين في ثامن شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وثمانمائة ورسم بإرسال تشريف الأستادارية إلى فخر الدين هذا - وهو بالبحيرة - فحمل إليه، وقدم فخر الدين إلى القاهرة في يوم خامس عشرين شهر ربيع الآخر المذكور، واستقر أستاداراً على ما بيده