قال المقريزي: وكان جباراً قاسياً، شديداً جلداً، عبوساً، بعيداً عن الترف، قتل من عباد الله ما لا يحصى، وخرب إقليم مصر بكماله، وأفقر أهله ظلماً وعتواً وفساداً في الأرض ليرضي سلطانه فأخذه الله أخذاً وبيلاً، انتهى كلام المقريزي.
قلت: لا ينكر عليه ما كان يفعله من الظلم والجور، فإنه كان من بيت ظلم وعسف، وكان عنده جبروت الأرمن، ودهاء النصارى، وشيطته الأقباط، وظلم المكسة، فإن أصله من الأرمن، وربي مع النصارى وتدرب بالأقباط، ونشأ مع المكسة بقطيا، فاجتمع فيه من قلة الدين وخصائل السوء ما لا يوصف كثرة، لعمري هو أحق بقول القائل:
مساوئ لو قسمن على الغوني ... لما مهرن إلا بالطلاق
قيل إنه لما دفن بمدرسته سمعه جماعة من الصوفية وغيرهم وهو يصيح في قبره، وتداول هذا الخبر على أفواه الناس، قلت: وما خفاهم أعظم إن شاء الله تعالى، فلله الحمد والمنة بهلاك مثل هذا الظالم في عنفوان شبيبته إذ لو طال عمره لكان ظلمه وجوره يملأ الأقطار.
وهو بن الوزير تاج الدين عبد الرزاق، وأخو ناصر الدين محمد