يوماً في دست مباشرته بقاعة فتح الله الصغيرة فازدحم الناس بالقاعة المذكورة لقضاء حوائجهم على العادة من غير زيادة ازدحام، فلما نظر ذلك ضاق خلقه وأمرهم بالذهاب فلم يلتفتوا لقوله، فإنه كان غير مهاب في الأعين فقام على الفور على باب القاعة وجمع ما كان بباب القاعة من الزراميج والقباقيب في ذيله بالنجاسات والوسخ وخرج بهم إلى الباب البراني وأرماهم من ذيله ثم عاد وقعد في مرتبته، فعند ذلك خرج كل واحدٍ إلى أخذ مداسه، واستراح، وله من هذه الأشياء يطول الشرح في ذكرها، واستمر في الوزر إلى أن استعفى غير مرة، وظهر عنه لكل أحد عدم تدبيره وقلة معرفته وعجزه، وفهم السلطان عنه ذلك وعزله عن الوزر، ولزم داره وتخومل إلى أن مات الملك الأشرف برسباي في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وآل الأمر بعد ذلك إلى سلطنة الملك الظاهر جقمق قبض عليه وصادره، وامتحن في أيامه ثم ترك بطالاً مخمولاً متعوساً مبعوداً لبغض الناس له، لذميم خلقه، وشراسة خلقه، ولقلة دينه، وكثرة ميله إلى دين النصرانية، يعلم ذلك بمجرد رؤية وجهه، وصفته شيخ قصير، أصفر الوجه، تعلوه ظلمة، وعمامته كعمامة النصارى في ترتيبها غير أنها مبيضة في الظاهر، وهو إلى الآن من جملة الأحياء في حكم الأموات نكالاً من الله.