ومن بعده، ثم تنزه عن ذلك مدة إلى أن استقل بوظيفة قضاء القضاة بعد قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقيني في سنة أربع وعشرين وثمانمائة.
وحسنت سيرته إلى الغاية، ودام في القضاء مدة، ثم عزل نفسه، ثم أعيد مسؤولاً مرغوباً فيه لحسن سيرته ولغزير دينه وعفته عما يرمي به قضاة السوء، فباشر القضاء إلى أن عزل بقاضي القضاة علم الدين صالح بن شيخ الإسلام عمر البلقيني في يوم السبت سادس ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة، واستمر ملازماً لبيته مكباً على الإشغال والتصنيف إلى أن توفي يوم الخميس سابع عشرين شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة، عن خمس ستين سنة.
وكان إماماً فقيهاً، عالماً حافظاً، محدثاُ أصولياً، محققاً، واسع الفضل، عزيز العلم، كثير الاشتغال، رأيته غير مرة عند صهري قاضي القضاة جلال الدين البلقيني، كان ذا شكالة حسنة، منور الشيبة، مدور اللحية، متواضعاً، عذب اللفظ، قليل الكلام إلا فيما يعنيه، ديناً خيراً، مشكور السيرة، عفيفاً، وله تواليف كثيرة، من ذلك: كتاب تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل