بالقدس وهو ناظر الحرمين، فعاد الشهابي أحمد هذا إلى القاهرة واستمر بطالاً تحت رفد صهره القاضي كمال الدين بن البارزي كاتب السرمدة مدة طويلة، إلى أن عينه الزيني عبد الباسط لخدمة الأمير تمرباي التمربغاوي الدوادار الثاني وأن يكون دواداراً عنده، فتوجه المذكور إِلَيْهِ واستمر بخدمته دهراً، إلى أن مات الملك الأشرف برسباي، وصار الأتابك جقمق العلائي نظام الملك ومدبر مملكة العزيز يوسف بن الملك الأشرف برسباي، أرسل طلبه من الأمير تمرباي وجعله دواداره، وهذا أيضاً بسفارة خوند بنت البارزي زوجة الأتابك جقمق، واستمر عنده إلى أن تسلطن قرَّبه وأدناه وجعله من جملة الدوادارية الصغار، ونالته السعادة وعظم في الدولة بحسب الوقت، وأثرى وضخم، فلن تطل مدته ومرض أياماً، ومات في خامس عشرين المحرم سنة خمس وأربعين وثمانمائة.
وكان عاقلاً عارفاً، وله مشاركة في الفضيلة، وعنده ذكاء وفهم جيد، يذاكر بالشعر حافظاً له، وينقل كثيراً من التواريخ عَلَى قاعدة الحكوية لا عَلَى قاعدة المؤرخين، كان عارفاً بعدة فنون من أنواع الفروسية، يجيد الرمي بالنشاب علماً وعملاً، وله معرفة قليلة بضرب السيف، ويحسن لعب الرمح علماً،