الرائد من النيل الزائد، وله ديوان شعر كبير، وله كراسة تحتوي عَلَى مقاطيع على بحور الشعر مقتبساً في البحر وسماها قلائد النحور من جواهر البحور، بها يظهر لك فضاه الكثير، وعلمه الغزير؛ ولنحل جيد تاريخنا بتعليقها، وهي هذه:" بسم الله الرحمن الرحيم " الحمد لله الذي جعل مقام الخليل أجل مقام وسخَّر له البحور. كيف لا وقد أمدها ذهنه الذي هو أكرم من الغمام. فكان دليلاً لمن قطع هذه الأبحر ممن طلب السلامة من الخطأ والاعتصام. حيث سبح فيها وهو ومن تلاه عَلَى ممر كل شهر وعام، أحمده عَلَى إنعامه المديد البسيط، وعلى كرمه التعويل، وأشكره عَلَى وافر فضله وطَوْله الطويل، وأشهد أن لا إله إِلاَّ الله وحده لا شريك له الذي ليس له مضارع ولا مماثل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البحر الكامل صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه المنظومين في سلاك محبته أحسن انتظام، صلاة وسلاماً دائمين، كما كان عَلَى الخليل الصلاة والسلام.
وبعد فإنه قد عنَّ لي أن أستخرج من الكتاب العزيز ما جاء عَلَى أوزان الأبحر اتفاقاً، تباعاً لمن تقدمني في ذَلِكَ ووفاقاً، ثم بدا لي أن أبني عَلَى كل بحر من البحور بيتاً عَلَى ما عندي من القصور وسع طاقتي، إذ لم أكن من هذه الطبقة مع خوفي من لصوص أخشى أن تتخذها بعد ذلك مسترقة، فاستعنت بالله تعالى وأتيت البيوت من أبوابها، وتوصلت إلى أوتادها الرفيعة بأسبابها، وجمعت ذَلِكَ، ومَنْ لي بمجموع أو مفروق أو فاضله، لو لم أجد من الله الكريم أوْفَى صلة، فكنت من أفنان الفن البديعي ملتمساً، وفي النور المبين مقتبساً، وسميته: قلائد النحور من جواهر البحور، فجاء بحمد الله عقداً فريداً، وجوهراً نضيداً،