وأمنوا رعيه وخلعوا عليه، وكان الذي أخلع عليه والدي، فغضب الأمير تنم نائب الشام في الباطن وأرسل بعد قدومه إلى دمشق يعرف بذلك الملك الظاهر برقوق، واتهم والدي عَلَى العصيان، ليس هذا محل ذكر ما وقع لهما، والمقصود أن القاضي برهان الدين اطمأن في مملكة سيواس، ودام بها إلى سنة ثمانمائة، قصده عثمان بن طر عَلَى المدعو قرايلك، ووصل إلى سيواس فخرج لقتاله القاضي برهان الدين بعساكر سيواس، وتقاتلا فكسر القاضي برهان الدين وقتل بظاهر سيواس، واستمرت سيواس بغير حاكم، إلى أن أرسل إليها أبو يزيد بن عثمان حاكماً، ودامت مضافة إلى مملكته إلى يومنا هذا.
وكان القاضي برهان الدين ملكاً عالماً فقيهاً حنفياً، أديباً شاعراً، ماهراً، يقول الشعر باللغات الثلاثة، وكان سبب دخوله إلى القاهرة أنه كان في ابتداء أمره حين طلبه للعلم رأى منجساً حاذقاً، فسأله عن حاله، فقال له المنجم أنت تصير سلطاناً، فقال القاضي برهان الدين إن كان ولا بد فأكون سلطان مصر فأنها أعظم الممالك، فقدم إلى القاهرة وأقام بها سنين فما صار جندياً، فقال في نفسه أقمت هذه المدة الطويلة وما صرت جندياً، فمتى أصير سلطاناً، فعاد إلى سيواس وآل أمره إلى أن ملكها.