فدبر الأمراء المذكورون مدة حياة القاضي، فلما مات ولي ابنه برهان الدين أبو العباس أحمد هذا مكانه، فسد مسده وأربى عليه بكثرة علمه وحسن سياسته وجودة تدبيره، وأخذ تدبيره، وأخذ في أحكام أمره، فأول ما بدأ به بعد تمهيد قواعده أن فرق ولايته، أعمال المملكة، عَلَى الأمراء، فأخرج ثلاثة: المؤيد وجي كلدي وحاجي إبراهيم، وبقي حول السلطان فريدون وعضنفر، فثقلا عليه واجب أن ينفرد بالأمر دونهما، فتمارض ليقعا في قبضته، فكان كذلك، فدخلا عليه يعودانه فلما استقر بهما الجلوس، فخرج عليهما من رجاله جماعة قد أقعدهما في مخدع، فقبضوا عليهما، وخرج من فوره فملك الأمر من غير منازع، ولقب بالسلطان، فلم يرضَ بذلك شيخ نجيب متولي توقات، وجي كللدي نائب أماسيه، فخرج القاضي برهان الدين واستولى عَلَى مملكة قرمان، وقاتل من عصي عليه، ونزع توقات من شيخ نجيب، واستمال إِلَيْهِ تتار الروم، وهم جمع كبير لهم بأس ومجده وشجاعة، واستضاف إِلَيْهِ الأمير عثمان قرايلك بتراكمينة فعز جانبه، ثم أن قرايلك خالف عليه ومنع تقادمه التي كان يحملها إِلَيْهِ، فلم يكترث به القاضي برهان الدين احتقاراً له، فصار قرايلك يتردد إلى ماسيه وأرزن خان إلى أن قصد ذات يوم مصيفاً بالقرب من سيواس، ومر بظاهر المدينة وبها القاضي برهان الدين، فشق عليه كونه لم يعبأ وركب عَجِلاً بغير أهبة ولا جماعة، وساق في إثره ليوقع به حَتَّى أقبل إِلَيْهِ، فكر عليه قرايلك بجماعته، فأخذه قبضاً باليد، فتفرقت عساكره شذر مذر، وكان قرايلك قد عزم عَلَى أن يعيده إلى مملكته