وكان شهماً شجاعاً مهيباً، لم يخرج مدة ولايته من قلعة دمشق، ولا نزل إلى مدينة دمشق، ولا سير ولا ركب فرساً، وكان أعوراً، ولما ملك الأشرف خليل بن قلاوون قيده وألبسه عباءة ليقتله، ثم عفا عنه وخلع عليه وأعاده إلى نيابة قلعة دمشق في شهر رمضان سنة تسعين وستمائة.
وكان أرجواش هذا حفظ قلعة دمشق، بل قلاع البلاد الشامية، يوم غازان، وحضر مدة طويلة، نهض وأتم نهوض، وقام أكمل قيام، وأظهر التتار أنواع القتال وتسلقوا عليه من دار السعادة وطلعوا سطحها، وتسلطوا عَلَى القلعة مع كثرتهم، ورموها بالنشاب، فرمى عليهم قوارير النفط فأحرقت الأخشاب وسقطت السقوف بهم، وفعل ذَلِكَ بدار الحديث الأشرفية والعادلية حَتَّى عاد التتار إلى بلادهم، فلولاه لملكت التتار الشام جميعه، ومع هذا كان عنده سلامة باطن إلى الغاية.
قال الصلاح الصفدي: حكى لي عنه عبد الغني الفقير المعروف قال: لما مات الملك المنصور قلاوون قال لي أحضر لي مقرئين يقرؤون ختمة للسلطان، فأحضرت إليه جماعة فجعلوا يقرؤون عَلَى العادة، فأحضر دبوساً وقال تقرأون هذه القراءة للسلطان؟ لَمْ لا تقرأون عالياً، فضجوا بالقراءة جهدهم، فلما فرغوا منها قلت: يا خوند فرغت الختمة، فقال: يقرأون أخرى، فقرأوها؛ وقفزوا