مولده بقرية شرقي بصرى من أعمال دمشق في سنة إحدى وسبعمائة، ومات والده وهو في الرابعة فرباه أخوه الشيخ عبد الوهاب وبه تفقه في مبدأ أمره، ثم لازم الاشتغال، ودأب وحصل وكتب، وبرع في الفقه والتفسير والحديث، وسمع بدمشق من عيسى المطعم وأحمد بن الشيخة، والقاسم بن عساكر، وابن الشيرازي، واسحق الآمدي، ومحمد بن الزراد، وأجاز له من مصر أبو الفتح الدبوسي، وعلي بن عمر الواني، ويوسف الخنتي وغر واحد واحد، ولازم الحافظ جمال الدين المزي كثيراً، وبه انتفع، وتخرج، وتزوج بابنته، وقرأ أيضاً عَلَى ابن تيمية كثيراً، وسمع منهم ومن غيرهم أيضاً وجمع وصنف ودرس وحدث وألف، وكان له إطلاع عظيم في الحديث والتفسير والفقه والعربية وغير ذَلِكَ، وأفتى ودرس إلى أن توفي يوم الخميس سادس عشرين شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة بدمشق، عن أربع وسبعين سنة، ورثاه بعض طلبته:
لفقدك طلاَّب العلوم تأَسفوا ... وجادوا بدمْع لا يبيد غزير
ولو مزجُوا ماء المدامع بالدِّما ... لكان قليلاً فيك يا ابن كثير
ومن مصنفاته تفسير القرآن الكريم في عشر مجلدات، وكتاب طبقات الفقهاء، ومناقب الشافعي، والتاريخ المسمى بالبداية والنهاية وأيضاً في عشر مجلدات، وهو في غاية الجود، وخرج أحاديث مختصر ابن الحاجب، وكتب عَلَى البخاري ولم يكمله، وله غير ذَلِكَ.