قال المقريزي: الشيخ المعتقد المشهور أحد من تشفيت به العامة إذا مسها الضر، ويزعمون أن سره يجلب لهم النفع، ويدفع عنهم السوء والمكروه، عادة سوقا السفهاء من أهل مصر، عافانا الله منها. كان أبوه أحد الفقراء السطوحية، وله سمعة وشهرة بناحية أنبوبة من بر الجيزة غربي القاهرة، وله بها زاوية، فنشأ إسماعيل واشتغل بالفقه عَلَى مذهب الإمام الشافعي رحمه الله، وأقبل الناس لزيارته بعد موت أبيه وتبركوا به، وصار يعمل المولد النبوي في كل سنة، فيأتيه الناس من الأقطار، وترحل إليه من الأطراف، وتخرج بياض أهل مصر والقاهرة إليه، وتضرب بظاهر زاويته الخيم، ويعقد سوق، ويجتمع من النسوان والشباب خلق كثير، فأذكر أنه عمل المولد عَلَى عادته في شهر ربيع الأول سنة تسعين وسبعمائة، فهرع الناس لحضور المجتمع حَتَّى غص الفضاء بكثرة العالم، وتنوعوا تلك الليلة في الفسوق، لكثرة اختلاط النسوان والمردان بأهل الخلاعة، فتواتر الخبر أنه وجد في صبحة تلك الليلة من جرار الخمر التي شربت بالليل فوق الخمسين فارغة، ملقاة حول الزاوية في المزارع، وافتضت تلك الليلة عدة أبكار، وأوقدت شموع بمال كثير، فبعث الله يوم الأحد بكرة صباح ليلة المولد المذكور قاصفا من الريح كدرت عَلَى من كان هناك، وسفت في وجوههم التراب، واقتلعت الخيم، ولم يقدر أحد عَلَى ركوب البحر، ولم يعد يعمل مولداً بعدها، فإن الشيخ مات في آخر شعبان من سنة تسعين وسبعمائة، ودفن بزاويته، وقد اجتمعت به، فلم أر فيه ما يقتضي الذم ولا المدح، سوى أنه كان يمد يده لمن يأتيه حَتَّى يقبلها، وظهر لي منه أنه حريص عَلَى الرئاسة، عفر الله له. انتهى كلام المقريزي.