كان من عتقاء الأمير نجم الدين حاجب السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف، ثم اتصل بخدمة الملك الظاهر بيبرس البندقداري وتقدم عنده وسهب تقدمه عند الظاهر هو أن الظاهر أرسل في بعض الأحيان عشرة مماليك لكشف أخبار بلاد الجزيرة وتلك النواحي، فلما وثلوا إلى الفرات وجدوها زائدة جداً لا يمكن عبورها البته، فرجعوا التسعة إلا هو امتنع من الرجوع، وقال: السلطان ندبني لأمر مهم فإما قمت به وإما مت دونه، ثم جعل ثيابه وعدته مشدودة وحملها عَلَى رأسه وسبح، وسبح فرسه أمامه، حَتَّى قطع الفرات، وخرج إلى البر ولبس ثيابه كما كان، وركب فرسه ومضى حيث أمره السلطان الملك الظاهر بيبرس، وتجسس الأخبار، واجتمع بقوم هناك، فاستفهم منهم الأخبار، وعاد إلى الفرات، وفعل كما فعل أولاً وعاد إلى الملك الظاهر بيبرس، وأخبره بما فعل، فعند ذَلِكَ عظم أمره عنده ومحله، واتفق في ذَلِكَ الوقت أن مات أمير طبلخاناه والفارقاني المذكور بين يديه، فأعطاه الطبلخاناه في الحال، وكان أولاً من جملة أمراء العشرات، وضاعف الإحسان إليه، وصار الملك الظاهر يرقيه إلى أن جعله أستاداراً كبيراً، وصار يستنيبه لمَّا يتوجه إلى البلاد الشامية، ولمَّا يحضر الملك الظاهر إلى القاهرة وتحصل حركة يقدمه عَلَى العساكر ويوجهه حيثما كان الأمر.
ولم يزل عند الملك الظاهر في أعلى المنازل إلى أن توفي الملك الظاهر وتولى السلطنة من بعده الملك السعيد ابنه ولاه أيضاً نيابة السلطنة عَلَى جميع المماليك بعد