وبناها مسجداً وحكرها للناس، فعمروها دوراً. وكان يجلس في الشباك طول نهاره، لا يمل من ذلك ولا يسأم، وتروح أصحاب الوظائف ولا يبقى عنده إلا النقباء البطالة. وكان له مهابة وحرمة إلى أن تولى الملك الكامل شعبان، فأخرجه أول سلطنته إلى دمشق نائباً بها - عوضاً عن الأمير طقزدمر -. فلما كان في أول الطريق حضر إليه من قال له: الشام بلا نائب؛ فساق ليلحقه، فخفف من جماعته، وساق في جماعة قليلة، فحضر إليه من أخذه، وتوجه به إلى صفد نائباً، فدخلها في أوائل شهر ربيع الآخر سنة ست وأربعين وسبعمائة.
ثم إنه أرجف الناس أنه قد باطن الأمير سيف الدين قماري نائب طرابلس على الهروب أو الخروج على السلطان، فحضر من مصر من كشف الأمر، وسأل هو التوجه إلى مصر، فرسم له بذلك فتوجه. فلما وصل إلى غزة أمسكه نائبها