للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اليوم والليلة خمس مرات، فلم يروه عنه إلا أهل حمص، واختلف أهل مصر فيه على معاوية بن صالح بين الوصل والإرسال.

ويؤيد ذلك أن مالكًا لو كان عنده عن أهل المدينة عن ابن عمر في ذلك شيء لما تركه، بل قد بوب في موطئه بابًا فقال:

ما جاء في تسوية الصفوف؛ ثم روى: عن نافع: أن عمر بن الخطاب كان يأمر بتسوية الصفوف، فإذا جاؤوه فأخبروه أن قد استوت، كبر.

ثم روى عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه [هو: مالك بن أبي عامر] أنه قال: كنت مع عثمان بن عفان، فقامت الصلاة وأنا أكلِّمه في أن يفرض لي، فلم أزلْ أكلِّمه، وهو يسوِّي الحصباء بنعليه، حتى جاءه رجال، قد كان وكَّلهم بتسوية الصفوف، فأخبروه أن الصفوف قد استوت، فقال لي: استو في الصف، ثم كبر.

أخرجهما مالك في موطئه (١/ ٢٢٤/ ٤٣٤ و ٤٣٥)، ومن طريقه بالأثرين جميعًا أو بأحدهما: عبد الرزاق (٢/ ٤٠ و ٤٧/ ٢٤٠٨ و ٢٤٣٨)، وابن المنذر في الأوسط (٣/ ٢٦١/ ١٦٢٠)، والطحاوي في المشكل (١٤/ ٢٩٥ - ٢٩٦)، والبيهقي في السنن (٢/ ٢١)، وفي المعرفة (١/ ٤٩٣/ ٦٧٦).

وأما عن غير أهل المدينة، فهذا إمام أهل مكة في زمانه: ابن جريج، يروي فيقول: أخبرني نافع: أن ابن عمر كان يقول: من تمام الصلاة اعتدال الصف.

أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٤٤/ ٢٤٢٨).

وهذا إسناد حجازي صحيح إلى ابن عمر قوله، وهو أقرب إلى حديث أنس منه إلى حديث الباب المنسوب إلى ابن عمر نفسه، ولم أرد استقصاء الآثار الواردة في الباب عن الصحابة، وذكر طرقها فإنها كثيرة [لا سيما ما جاء عن ابن عمر عن أبيه، أو عن أبيه، أو عن عثمان]، لكن فقط أردت بيان غرابة ما انفرد به أهل الشام عن ابن عمر بهذا الحديث الطويل، الذي هو أجمع حديث في الباب.

ومعاوية بن صالح، هو الحضرمي الحمصي: صدوق، له إفرادات وغرائب وأوهام، ولأجل ذلك تكلم فيه من تكلم، والأكثر على توثيقه، وقد أكثر عنه مسلم، لكن أكثره في المتابعات والشواهد.

وهذا الحديث من أفراده، وقد اختلف عليه في إسناده، فوصله ابن وهب، وأرسله الليث، والليث بن سعد أكبر من عبد الله بن وهب، وأقدم منه وفاة، فالليث من طبقة مالك ونظرائه [الطبقة السابعة]، ومالك شيخ لابن وهب، كما أن الليث نفسه من شيوخ ابن وهب، وبين وفاتيهما ما يزيد على عشرين سنة، لذا فالذي يترجح عندي -والله أعلم- أن الليث بن سعد تحمل هذا الحديث من معاوية بن صالح قبل عبد الله بن وهب بزمان، وذلك لأن معاوية خرج من حمص متجهًا إلى الأندلس سنة (١٢٣)، وقيل: (١٢٥)، فمر بمصر في طريقه، قال ابن يونس: "قدم إلى مصر، وخرج إلى الأندلس، ... ، وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>