وغيرهما من مشايخ سعيد، فجعلها ابن عجلان كلها عن سعيد عن أبي هريرة، وابن عجلان: ثقة، والله أعلم".
وقال ابن حبان في الثقات (٧/ ٣٨٧): "وقد سمع سعيد المقبري من أبي هريرة، وسمع عن أبيه عن أبي هريرة، فلما اختلط على ابن عجلان صحيفته، ولم لِميز بينهما، اختلط فيها، وجعلها كلها عن أبي هريرة، وليس هذا مما يهي الإنسانُ به؛ لأن الصحيفة كلها في نفسها صحيحة، فما قال ابن عجلان: عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة؛ فذاك مما حمل عنه قديمًا قبل اختلاط صحيفته عليه، وما قال: عن سعيد عن أبي هريرة؛ فبعضها متصل صحيح، وبعضها منقطع؛ لأنه أسقط أباه منها، فلا يجب الاحتجاج عند الاحتياط إلا بما يروي الثقات المتقنون عنه عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، وإنما كان يهي أمره ويضعَّف لو قال في الكل: سعيد عن أبي هريرة؛ فإنه لو قال ذلك لكان كاذبًا في البعض؛ لأن الكل لم يسمعه سعيد عن أبي هريرة، فلو قال ذلك لكان الاحتجاج به ساقطًا على حسب ما ذكرناه".
وحاصل هذا الكلام: أن الإسناد الذي يظهر لنا احتمال وهم ابن عجلان فيه، هو ما قال فيه: عن سعيد عن أبي هريرة، حيث يحتمل أن يكون أسقط الواسطة بين شيخه سعيد وبين أبي هريرة، أو يكون سمعه هكذا، فالذي يختلط إسنادُه على ابن عجلان ولم يضبطه يجعله: عن سعيد عن أبي هريرة، هذه أمارة الوهم من ابن عجلان في أحاديثه عن شيخه سعيد، فيما اختلط عليه ولم يضبطه.
وعلى هذا؛ فإن اتفاق اثنين على إثبات الواسطة بين سعيد المقبري وبين عقبة بن عامر أشبه بالصواب، من رواية من أسقطها، فإن رواية الليث وأبي خالد الأحمر إنما هي عن سعيد عن عقبة بدون واسطة، ورواية ابن عيينة أثبت فيها الواسطة، لكنه أبهمها، وبذا يظهر أن ابن عجلان قد قصر به حين جعله عن سعيد عن عقبة، وابن إسحاق صرح بكون الواسطة أبا سعيد المقبري، وروايته عندي: أشبه بالصواب؛ لا سيما وابن إسحاق ممن عده ابن المديني من أثبت أصحاب سعيد المقبري، وأمارة الوهم من ابن عجلان في أحاديثه عن شيخه سعيد، فيما اختلط عليه ولم يضبطه: أن يسقط شيخ سعيد [راجع في ذلك الحديث رقم (٧٩٦)]، والله أعلم.
قلت: وأيضًا، فإنه مما يقوي رواية ابن إسحاق أنها عن أهل بلده من أهل المدينة، زد على ذلك: أن علي بن المديني عدَّ ابن إسحاق من أثبت أصحاب سعيد المقبري، وقرنه بابن أبي ذئب والليث بن سعد، قال ابن محرز: "سمعت عليًا يقول: ليس أحد أثبت في سعيد بن أبي سعيد المقبري من: ابن أبي ذئب، وليث بن سعد، ومحمد بن إسحاق، هؤلاء الثلاث يسندون أحاديث حسان، ابن عجلان كان يخطئ فيها" [سؤالات ابن محرز (٢/ ٢٠٧/ ٦٨٩)].
وانظر فيما يدل على ضبط ابن إسحاق لحديث سعيد المقبري، وأن ابن المديني كان يعتمده ويقدمه في سعيد المقبري: علل ابن المديني (١٣١).