للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَلِمَ يعَذَبُكم بِذنوبِكم) :

رد عليهم، لأنهم قد اعترفوا أنهم أبناء الله وأحبّاؤه، فردّ الله عليهم أنه يعذبهم وينتقم منهم، والأبُ لا يعذّب ولده، والحبيب لا يرضى بعذاب حبيبه، ففيه تبكيتٌ لهم، وإشارة إلى أن من أحبَّه يرفع درجته، ولا يكون العبد محبوباً عند مولاه إلا بعد الإخلاص في العبودية، والقيام بحقوق الربوبية.

وأمّا من يدَّعي المحبّة وهو عَريّ عنها فهو كاذِبٌ في دَعْواه، غَيْر واصل لما

يتمنّاه.

واعلم أن العَبْدَ مع الله على ثلاثة أوجه:

حال يكون للعبد عليه.

وحال يكون للَه على العبد.

وحال يكون على رأس العبد شاء ذلك العبد أو أَبى.

فأما الحال التي تكون للعبد على الله فهي حال الشدة والمحنة، فللعبد على اللَه الأجر والعوض، قال تعالى: (ذلك بأنّهم لا يصيبهم ظَمَأ ولا نَصَب) .

وأما الحال التي تكون للَه على العبد فهي حال النعمةِ والرخاء، ولله على العبد الشكر والنعمة، قال تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) .

وقال: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨) .

وأما الحال التي تكون على رَأس العبد فهي حال القضاء والقدر، قال تعالى:

(قل لَنْ يُصيبنا إلاَّ ما كتَب الله لنا) .

وإذا علمت هذا فمرادُ الله منك في حال النعمة - الشكر، ومجازيك بالزيادة: (لَئِنْ شَكَرْتمْ لأَزِيدَنكم) .

وفي حال النقمة الصبر، ومجازيك بالثواب الجزيل (وجَزَاهمْ بما صَبَروا جَنَّةً وَحَرِيرا) .

وفي حال الطاعة - الإخلاص، ومجازيك بالقَئول: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠) .

وفي حال المعصية التوبة والرجوع إليه، ومجازيك بالمغفرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>