للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوضوء: قال الله تعالى: (وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) .

فانظر كيف سوَّاهم مع رسول الله، لقوله: (إنما يريد الله ليذْهِبَ عنكم

الرِّجْسَ أَهلَ البَيت) .

(ويتم نعمته عليك) .

فإن قلت: لم مُنِع المتيمم من مسح رأسه؟

والجواب أنَّ وَضْعَ التراب على الرأس علامة الفراق من الحبيب، والله تعالى

لا يحب فراقهم، فلم يجعل لهم ما يتفاءلون به على الفراق.

(فَاطَّهَّروا) :

هذا أَمرٌ بالغسل لمن وجب عليه، وفيه إجمال، بخلاف الوضوء، فإنما فصله لأنه من خصائص هذه الأمة، ولم يكونوا يعرفونه، بخلاف الغسل، فإنما علموه مما تقدم.

وبهذا أمر الله الأمم المتقدمة، وسِره ليذوق الإنسان وبالَ ما أصابه من اللذة في الوقاع، وأن الدنيا لا تَخْلو من كَدَرِ، وفيه معنى النظافة، ولهذا لا ينبغي للإنسان أن تمرّ عليه جمعة إلا ويغتسل فيها مرةً، مع أنه يكفر السيئات، ويرفع الدرجات، وقد صحّ أنه يكفر بعدد شعر جسده من السيئات.

فإن قلت: ما معنى الحديث: " هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قَبلي " لَمّا غسل الأعضاء ثلاثاً، مع قولكم: إنه من خصائص هذه الأمة؟

والجواب أنه كان من خصوصية الأنبياء لا أممهم، لما قدمناه من أنَ الله أراد

بذلك تطهيرهم، ولهذا تقول الأنبياء والأمم يوم القيامة: كادت هذه الأمة أن تكون كلها أنبياء، فما أشرفها من أمة نبِيٍّ كريمٍ!

(فأغريْنا) ، أي أثبتنا وألصقنا، وهو مأخوذ من الغراء.

(فَترَةٍ) : سكون وانقطاع، لأنه - صلى الله عليه وسلم - بُعث بعد انقطاع

الرسل، لأنها كانت متواترة، كلّما جاء أمةً رسولها كذّبوه إلى وقت رَفْع عيسى، فانقطعت الرسل إكراماً لهذا النبي الكريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>