هذا الكلام من إخوة يوسف على وَجْهِ الاستعطاف، لأنهم كانوا أعلموه بشدة محبَّةِ أبيه.
(قال كَبببرهم) ، أي في السن، وهو روبيل، أو في الرأي، وهو شمعون، وقيل يَهوذا.
(قال بل سوَّلَتْ لكم أنْفسُكم أمْراً) ، قبله محذوف، تقديره: فرجعوا إلى أبيهم فقالوا له: (إن ابنكَ سرق) ، عند الجمهور بفتح السين وضمها وشدّ الراء وتخفيفها، فقال: (بل سوَّلَتْ لَكم أنْفسكم) ، لأنه علم أَنَّ كلَّ ذلك لم يكن.
(قال: يا أَسَفَى عَلَى يوسف) :
تأسَّف على يوسف دون أخيه لإفراط محبته فيه، ووَحْشَته له، ومصيبته كانت السابقة، فجدّدت له هذه الثانية وَحشَته.
وهكذا عادته فيمن أحبَّ غيره ابْتلي بفراقه، فلا تجعل محبك ومحبوبك إلا
مَن لا يفارقك.
وروي أن يوسف عليه السلام جاءه رجل فقال له: إني أُحبُّك.
فقال: لا تفعل، أحبَّني أبي فعمي بصره، وألقيت في الجب، وامرأة العزيز
أحبَّتني فابتليت بالملامة، وحُبست في السجن، وكذلك سيدنا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم - أحبَّ جبريل فابتلي بحَبسه عنه مدةً، وأحبَّ مكةَ فابْتلي بالخروج منها، وأحبَّ عائشة فابْتلي بقصة الإفْك، كلّ هذا غيرةً منه سبحانه على أحبابه، ليكون شغلك يا محمدي بالله لا بغيره إن فهمت، وإلا فهكذا يُفعل بك.
(قالوا أإنَّكَ لأنْتَ يوسف) :
قرئ بالاستفهام والخبر، فالخبر على أنهم عرفوه، والاستفهام على أنهم توهَّموا أنه هو ولم يحقِّقوه.
(قال أبوهم إنِّي لأجِدُ رِيحَ يوسف) .
كان يعقوب ببيت المقدس، ووجد ريح القميص، وكان مع يوسف في بيته زماناً لا ريح له، فلما فصلت العِير اتَّصل ريحه بيعقوب.
كذلك قلبك يا محمدي مع مالك خزانتك،