للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضمير للكفار المنكرين للبعث، وجعل السماء والأرض بين أيديهم وخَلْفهم، لأنهما محيطتان بهم.

والمعنى ألم يَرَوْا إلى السماء والأرض فيعلموا أن الذي خلقهما

قادر على بعْث الناس بعد موتهم.

ويحتمل أن يكون المعنى تهديدا لهم، لأنه فسره بقوله: (إنْ نَشَاْ نَخْسِفْ بهم الأرض أو نُسْقِطْ عليهم كِسَفاً من السماء) .

(يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) :

الضمير لداود، تقديره: قلنا يا جبال.

والجملة تفسير للفضل.

ومعنى أوّبي سبِّحي، وأصفه من التأويب بمعنى السَّير بالنهار، وقيل كان ينوح فتسعده الجبال بصَدَاها.

(وَالطَّيْرُ) بالرفع عطف على لفظ (يَا جِبَالُ) ، وبالنصب عطف على موضع (يَا جِبَالُ) .

وقيل: هو مفعول معه.

وقيل عطف على (فضلاً) .

(يَبْسط الرزْقَ لمن يشاء ويَقْدر) .

أخبار تتضمن الردَّ على قولهم: (نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا) .

لأنَّ بسْطَ الرزق وقبْضه في الدنيا متعلق بمشيئة الله، فقد يوسع الله على الكافر والعاصي، ويضيق على المؤمن والمطيع، وبالعكس.

وقد حكي أن مدينة ببلاد السودان إذا ملكها المسلمون صار أرْضها

ترابا، وإذا ملكلها الكفار صار أرضها تِبْراً، فأسلمها المسلمون للكفار على

إعطاء الجزية، وهذا ليس بعَجيب، إذ لو كانت الدنيا تزنُ عند الله جناحَ

بعوضة ما سقي كافرٌ جَرْعة ماء.

والمقصودُ منها التقوّت لما يوصل إلى الآخرة.

وحكى وهب بن منبه أنَّ ملكين التقيا في السماء الرابعة يهبطان إلى الأرض، فقال أحدهما للآخر: إن الله أمرني أنْ أوصل الحوتَ الفلانيّ لليهوديّ الفلاني

لأنه اشتهاه.

فقال الآخر: وإن العابد الفلاني يصوم وأراد إفطاره على الخبز

والزيتون، وأمرني أن أهْبِط له.

فانظر هذا، فإنَّ تيسير الشهوات ليس من أسباب السعادة، وإن الله ليذود وليَّه عن الدنيا ويحميه عنها لئلا يشتغل بها،

<<  <  ج: ص:  >  >>