للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولولا أنْ يكونَ الناس أمَّة واحدة) .

ونحن قد بُسط لنا فيها، وتمتّعْنَا بها، فانظر عاقبتَنا بِمَ تكون!

فإن قلت: ما فائدة تكرار هذه الآية، وإبراز (من عباده) في الثانية من

سورة؟

والجواب: أنَّ الله كرّرها لاختلافِ المقاصدِ، والرد على الكقار في أقوالهم.

وترغيب المؤمنين في الإعراض عنها والرجوع إلى مَنْ بيده مقاليدها.

وأبرز الضمير في ثانية سبأ ترغيباً لعباده في إنفاقها والخروح منها، وسلاّهم بوعده بالخلف، وأنهم إن خرجوا عنها يخلفه لهم، ووَعْده حق، ولهذا أشار عليه السلام بقوله: " ما نقص مالٌ من صدقة ".

فإن قلت: قد وجدناه ينقص في العَدد؟

والجواب أنه ليس بنقص، لأنه لا يأتي عليه إلا أيام قلائِل فيعود أكثر مما

كان، وهذا مشاهدٌ.

وقد يكون الخلف من حيث لا يظنّ.

وقد يكون بالثواب المدَّخر أو بتكفير السيئات، كما قال تعالى: (إن تبْدُوا الصدقات) الآية.

أو بالطهارة، كما قال: (خُذْ مِنْ أموالهم صدقة تطَهِّرهم) ، والإضعاف، قال تعالى: (الذين يُنْفِقُون أموالَهم في سبيلِ الله) .

والقَبول: (هو يَقْبَلُ التوبةَ عن عباده ويأخذ الصدقات) .

وقد جعل الله جميعَ الطاعات على ثلاثة أقسام: جعل على اللسان التوحيد

والذكْر والاستغفار والدعاء، وثوابها عشر أمثالها.

وعلى المال الصدقة والزكاة والنفقة، وثوابُها واحد لسبعمائة.

وعلى القلب الصبر والقناعة والشكر والرضا، وثوابُها بغير حساب.

(يَقْذِفُ بالحق) :

القذف: الرَّمْي، ويستعارُ للإلقاء، فالمعنى يلقي الحقَّ إلى أنبيائه، أو يرمي الباطلَ بالحق فيذهب، ولذلك قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>