هو من أشراط الساعة ثم النفخ في الصور، وذكر الحَشْر، ووصف حال الكفار والمؤمنين.
وقال بعضهم: الفرق بين التخلص والاستطراد أنك في التخلص تركت ما
كنتَ فيه بالكلية، وأقبلت على ما تخلصت إليه.
وفي الاستطراد تمر بذكر الأمر الذي استطردت إليه مروراً كالبرق الخاطف ثم تتركه إلى ما كنت فيه، كأنك لم تقصده، وإنما عرض عروضاً.
قال: وبهذا يظهر أن ما في سورة الأعراف والشعراء من باب الاستطراد لا
التخلص، لعَوْدِه في الأعراف إلى قصة موسى بقوله: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ) .
وفي الشعراء إلى ذكر الأنبياء والأمم.
ويقرب من حسن التخلص الانتقال من حديث إلى آخر تنشيطاً للسامع
مفصولاً بهذا كقوله في سورة ص - بعد ذكر الأنبياء: (هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (٤٩) .
قال: هذا القرآن نوع من الذكر لَمّا انتهى ذكر الأنبياء، وهو نوع من التنزيل، أراد أن يذكر نوعاً آخر وهو ذكر الجنة
وأهلها، تم لما فرغ قال: (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) .
فذكر النار وأهلها.
قال ابن الأثير: هذا في هذا المقام من الفصل هو أحسن من الوصل، وهي
علاقة وكيدة بين الخروج من كلام إلى آخر.
ويقرب منه أيضاً حسن الطلب.
قال الزنجاني والطيبي: وهو أن يخرج إلى الغرض بعد تقدمة الوسيلة، كقولك: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) .
قال الطيبي: وما اجتمع فيه حسن التخلص والمطلب معا قوله تعالى - حكاية
عن إبراهيم: (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (٧٧) الَّذِي خَلَقَنِي) ...
إلى قوله (رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (٨٣) .