للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعرفة المعاد، وإليه الإشارة بـ مالِكِ يوْم الدين.

وعلم العبادات، وإليه الإشارة بـ إيّاكَ نَعْبد.

وعلم السلوك، وهو حَمْلَ النفس على الآداب الشرعية، والانقياد لرب

البرية، وإليه الإشارة بإياك نستعين، اهْدِنا الصِّرَاط المستقيم.

وعلم القصص، وهو الاطلاع على أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية، ليعلم المطلع على ذلك سعادة من أطاع الله وشقاوة من عصاه، وإليه الإشارة بقوله: صراط الذين أنعمت عليهم غَيْر المغضوب عليهم ولا الضالين.

فنَبَّه في الفاتحة على جميع مقاصد القرآن، وهذا هو الغاية في براعة الاستهلال

- مع ما اشتملت عليه من الألفاظ الحسنة والمقاطع المستحسنة وأنواع البلاغة.

وكذلك أول سورة اقْرَأ لكونها أول ما نزل من القرآن، فإن فيها الأمر

بالقراءة والبداءة فيها باسم الله، وفيها الإشارة إلى علم الأحكام، وفيها ما يتعلق بتوحيد الرب، وإثبات ذاته وصفاته، من صفات ذات وصفة فعل، وفي هذا الإشارة إلى أصول الدين.

وفيها ما يتعلق بالأخبار من قوله: (عَلّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يعْلَمْ) .

ولهذا قيل: إنها جديرة أن تُسمى عنوان القرآن، لأن

عنوان الكتاب يجمع مقاصده بعبارة وجيزة في أوله.

والكلام في هذا الوجه عريض، أفرده بالتأليف ابن أبي الإصبع في كتاب

سماه " الخواطر السوانح في أسرار الفواتح "، وهأنا ألخص هنا ما ذكره مع زوائد من غيره، طالبا ممن نظر فيه دعوة خالصة في وقت استجابةٍ أن ينفعنا بهذا القرآن العظيم بجاه نبيه عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم:

اعلم أن الله تعالى افتتح القرآن بعثصرة أنواع من الكلام لا يخرج شيء من

السور عنها:

الأول: الثناء عليه تعالى، والثناء قسمان: إثبات لصفات المدح، ونفي وتنزيه عن صفات النقص.

فالأول التحميد في خمس سور، و (تبارك) في سورتين.

والثاني: التسبيح في سبع سور.

قال الكِرْماني في متشابه القرآن: التسبيح كلمة استأثر الله بها، فبدأ بالمصدر

<<  <  ج: ص:  >  >>