المقطوع به قوله تعالى: (الحمد لله الذي أنْزَلَ على عَبْدِهِ الكتَابَ ولم يجعل له
عِوجاً) .
والتناسب في هذا أوضح من أن يتوقف فيه.
وأما سورة سبأ فلما تضمنت ما منح سبحانه داود عليه السلام من تسخير
الجبال والطير والريح وإلانةِ الحديد ناسب ما به افتتحت السورة من أن الكل
ملكه وخلقه، فهو المسخّر لها والتصرف في الكل بما شاء، فقال تعالى:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) .
وهذا أوضح التناسب.
وأما سورة الملائكة فمناسبة وصفِه تعالى باختراع السماوات والأرض لما ذكره
من خلق عامّ في السماوات من الملائكة وجعلهم رسلاً أولي أجنحة، وإمساكه
السماوات والأرض أنْ تَزولا - أبْين شيء وأوْضَحه، وليس شيء من هذه
الأوصاف العليّة بمناسب لغير موضعه لمناسبته موضعه الوارد منه.
فقد بان مجيء كلّ منها في موضعه ملائماً لما اتصل به.
والله أعلم.
قال الكَرْمَاني في العجائب: إن قيل كيف جاء يسألون أربع مرات بغير واو.
(يسألونك عن الأهِلَّةِ) .
(يسألونك ماذا ينْفِقُون) .
(يسألونك عن الشَّهْرِ الحَرَام) .
(يسألونك عن الخمر) .
ثم جاء ثلاث مراتٍ بالواو:
(ويسألونك ماذا يُنْفقون) (ويسألونك عن اليَتَامَى) .
(ويسألونك عن المحِيض) .
قلنا: لأن سؤالهم عن الحوادث الأوَل وقع متفرقاً، وعن الحوادث الأخَر وقع في وقت واحد، فجيء بحرف الجمع دلالة على ذلك.
فإن قيل: كيف جَاء: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥)
، وعادة القرآن مجيء قل في الجواب بلا فاء؟
أجاب الكرماني بأن التقدير لو سئلت عنها فَقُلْ.