للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلّ وعلا لم يكن في الأزَل معبودا ولا مسجوداً له ولا مذكوراً، فخلق الخلق

ليعبدوه ويوحّدوه ويذكروه، فصار لهم معلوما ومعبوداً.

(مشْفِقْون) : خائفون.

والضمير عائد على الملائكة الذين لا يَعْصون الله ما أمرهم، فهؤلاء ملائكة مطَهَّرون مشفقون من العقوبة.

وأنت أيها المتلطخ لا تشفق مع عصيانك، وهو كل يوم يناديك: عَبْدِي -

أرسلتُ إليكَ رسائلَ المواعظ تناديك: ارجع إلَيّ، الملائكة صفو بلا كدر.

والشياطين كدر بلا صفو، وأنت مجمع البحرين، فمتى غلب صَفْو عقلك على كدر شهوتك أخدمتك حملةَ العرش بمدحة ويستغفرون للذين آمنوا، يا مودعاً بدائع البدائع، الأكوان ألواح، وأنت الكاتب، وشجرة وأنتَ الثمر، وقوالب وأنت المعنى، ونافجة وأنْتَ المسك، ودفتر وأنت الخطوط، يا عجباً لك كيف أعجبك دخان الشهوات عن أسرار المشاهدات، اشتغلْتَ بجمع الفاني عن التلذّذ بخدمتنا، وشرهت عليها شره الكلب للجيفة، ولم تشفق من عتابنا، أما سمِعْتَ أهْلَ الجنة يقولون: (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (٢٧) .

فكيف تطمع أن تكون من أهلها وأنتَ غير مشْفِق من عذابنا.

اللهم ارحمنا إذا صِرْنَا إليك، والطف بنا يوم الوقوف بين يديك، فإنَّ قلوبنَا قد ماتَتْ عن طاعتك، وأعيننا قد جمدت مِنْ خَشْيَتك، وآذاننا صمّت عن سماع موعظتك، وعُقِل العقْل عن التفكر في آياتك، وخرس اللسان عن شكر نعمتك، وقُيدت الأقدام عن الإقدام إلى حضرتك، فنحن كالذي استهوته الشياطين، فلا تؤاخذنا بذنوبنا، وعامِلْنا بفضلك وكرامتك بجاه أكرم الخلق عندك، وخيرتك صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم.

(مضْغَة) : قطعة لحم.

(مخلَّقة) : تامة الخلقة.

(وغير مخلَّقة) ، غير التامة، كالسقط.

وقيل الخلّقة الْمسَوَّاة السالمة من النقصان.

<<  <  ج: ص:  >  >>