سنة نيف وثلاثين وثمانمائة، ابتلى جسده بالبياض وأشيع عنه ذلك. فلما تحقق الملك الأشرف برسباي الإشاعة أخرج عنه إقطاعه، ورسم له بلزوم داره، فصار يتردد إلى الجامع الأزهر، فإن سكنه كان بالقرب من الجامع، بدار بشير الجمدار بالأبارين، ويحضر الدروس ويشوش على الطلبة، ويسأل الأسئلة التي لا محل لها من الدرس. وكان قليل الفهم، وتصوره غير صحيح، مع جهل مفرط، وعدم اشتغال قديماً وحديثاً، فإن أجابه أحد من الطلبة بجواب لا يفهمه؛ لبعده عن الفهم، سفه عليه، وإن سكت القوم ازدراهم ووبخهم بذكر العلماء الأقدمين، ثم سفه على الجميع.
وكان قبل تاريخه ناب في نظر الجامع المذكور عن الأمير جرباش الكريمي، حاجب الحجاب، المعروف بقاشق، ووقع له مع أهل الجامع أمور في أيام توليته على الجامع. فلما زاد منه ذلك، وبلغ الأشرف رسم بنقلته من داره المذكورة وبسكناه بقرافة مصر، فسعى في عدم نقلته، وشفع فيه جماعة؛ فاستمر بداره على أنه لا يكثر من دخول الجامع إلا في أوقات الصلوات، إلى أن سافر الملك الأشرف برسباي إلى آمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، نفى