ومن حينئذ قوي مرضه إلى أن توفى قبيل عصر يوم السبت ثالث عشر ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وسنه نيف على الستين، بعد أن عهد بالسلطنة من بعده لولده الملك العزيز يوسف، وتسلطن ولده المذكور من يومه، ثم غسل الأشرف وصلى الله عليه بباب القلة من القلعة، ودفن بتربته التي أنشأها بالصحراء، قبيل المغرب، من يوم السبت المذكور، فكانت مدة سلطنته ستة عشر سنة، وثمان شهور وخمسة أيام.
وكان - رحمه الله - ملكاً جليلاً، مهاباً، عارفاً، سيوساً، حازماً، شهماً، فطناً، له خبرة بالأمور، ومعرفة، وتدبير، محباً لجمع المال.
وكان يحب الاستكثار من المماليك حتى بلغت عدة من اشتراه من المماليك زيادة على ألفي نفر. وكان يقدم اجلراكسة على غيرهم من الأجناس، ويشره في جمع الخيول والجمال، وما أشبه ذلك.
وكان يتصدى للأحكام، ويباشر أحوال المملكة، غالبها بنفسه، وكان متواضعاً، حسن الخلق، غير سباب، لين الجانب، طوالاً، دقيقاً، ذا شيبة نيرة، وهيبة حسنة، متجملاً في حركاته، حريصاً على ناموس الملك.