ولحق الأتابك أيتمش بقلعة دمشق وتحصن بها، وتمزق العسكر السلطاني شذر مذر، ودخل الناصري إلى دمشق من يومه، ونزل بالقصر من الميدان، وتسلم القلعة بغير قتال، وأوقع الحوطة على سائر مال العسكر المصري والشامي، وقيد أيتمش والأمير طرنطاي نائب دمشق وحبسهما بقلعة دمشق. ثم قبض من يومه على الأمير بكلمش العلائي في عدة من المماليك السلطانية، واعتقلهم بالقلعة، وانهزم الأمير يونس النوروزي الدوادار يريد القاهرة، فاعترضه عنقاء بن شطي أمير آل مرا قريباً من خربة اللصوص؛ فقتله في يوم الثلاثاء ثالث عشرين ربيع الآخر. وبعث برأسه إلى الأمير يلبغا الناصري. وبلغ السلطان الخبر من غزة في يوم سابع عشرين ربيع الآخر؛ فاضطرب اضطراباً عظيماً، وغلقت الأسواق، وانتهبت الأخباز، وتشغبت الزعر.
هذا، مع عظم الوباء بالقاهرة، وترادفت الأهوال على المصريين. ثم خرج السلطان إلى الإيوان من القلعة، وعرض المماليك، وكتب منهم خمسمائة، وأنفق فيهم ذهباً حساباً عن ألف درهم فضة؛ ليتوجهوا إلى دمشق صحبة الأمير سودون الطرنطاي، ثم أنفق في خمسمائة مملوك، ثم في أربعمائة؛ لتتمة ألف وأربعمائة مملوك، ثم أنفق في المماليك الكتابية، لكل واحد مائتي درهم فضة.