فلما وقف عليها الناصر اشتد حنقه، وقبض عليهما بعد أن أوجعهما بالضرب الشديد، ثم ذكر للأمراء بالبلاد الشامية وذكرهم ما لوالده عليهم من التربية والحقوق، ثم خرج من الكرك ثانياً بعد الاهتمام إلى التوجه إلى دمشق.
وبلغ ذلك الملك المظفر بيبرس؛ فجرد الأمراء المذكورين ثانياً - كما ذكرنا - وصحبتهم أربعة آلاف فارس، وأنفق عليهم النفقات الكثيرة، وأنفق على العامة أيضاً؛ فإنه كان قد وقع بينه وبينهم لما توقف النيل عن الزيادة فقالوا:
سلطاننا ركين ... ونايبنا دقين
يجي لنا المآ ... من أين
يسيبوا لنا الأعرج ... يجي لنا الماء وهو يتدحرج
وخرج برلغي هذا إلى لقاء الملك الناصر، ووقع له أمور حكيناها في غير هذا الموضع. واستقر الحال على أن الملك الناصر قبض عليه، وحبسه بقلعة الجبل إلى أن مات في ليلة الأربعاء ثاني شهر رجب سنة عشر وسبعمائة، رحمه الله تعالى وعفا عنه.