للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن دام على دمشق يحاصرها فيرسل السلطان من بعض عسكره من يضرب أطراف عسكره وينهبه فلا يسعه إلا العود إلى بلاده، فإذا توجه سرنا في أثره فيهلك غالب عسكره لعدم معرفتهم بالبلاد ولكثرتهم، فإن شأن العسكر الكبير إذا عاد إلى بلاده لا يلتفت إلى خلفه، ويصير أول العسكر في بلاد وأخرهم في بلاد أخر وبينهم مسافة أيام.

فلم يقبل الأمراء كلام والدي رحمه الله بنصح، وقالوا فيما بينهم: يريد يأخذ دمشق ويسلمها لتيمور ويتفق معه على قتالنا لما في نفسه منان وبلغ والدي رحمه الله ذلك فسكت عن مقالته، وليس تشريفه، وتوجه إلى دمشق.

وأخبرني من أثق به أن هذا الخبر بلغ تيمور، فشكر هذا الرأي إلى الغاية، ثم حمد الله تعالى على عدم فعلهم إياه.

ووقع لأهل دمشق محن، وآخر الأمر أخذها تيمور وفر والدي رحمه الله مع الملك الناصر فرج عائدا إلى القاهرة، فدام بها إلى أن نزح تيمور عن دمشق، أخلع عليه ثانياً بنيابتها، فتوجه إليها ودخلها وباشرها إلى أن أراد السلطان القبض عليه، فخرج من دمشق وتوجه إلى حلب، فوافقه نائبها الأمير دمرداش المحمدي على الخروج على الملك الناصر، ووقع لهما مع عسكر السلطان أمور ووقائع إلى أن انهزما بعد أشهر، وتوجها إلى بلاد التركمان، فأقاما بها مدة إلى أن أرسل السلطان إلى والدي، رحمه الله، خاتم الأمان، وطلبه إلى ديار

<<  <  ج: ص:  >  >>