فلما بلغ الناصري هذه الأخبار استوحش وخاف على نفسه من القبض عليه، ويفعل به كما بغيره، فلم يجد بدا من موافقة منطاش والعصيان على الملك الظاهر، وأرسل بطلب منطاش إليه فحضر منطاش ودخل تحت طاعة الناصري، وانضم عليهم خلائق من الأمراء وغيرهم، وتوجه الجميع نحو الديار المصرية، ووقع ما حكيناه وما سنحكيه في غير موضع إن شاء الله تعالى.
ولا زال أمر منطاش والناصري في إقبال وأمر برقوق في إدبار حتى قبضا عليه وحبس بحبس الكرك، وصار الناصري هو مدبر مملكة الملك المنصور حاجى وله الأمر والنهي.
وصار منطاش المذكور كا حاد الأمراء الأكابر، وليس له من الأمر شيء، فعظم ذلك على منطاش وأضمر الشر للناصري، وصار يمنعه من إثارة الفتنة عدم موجوده وقلة أعوانه إلى أن زاد به الأمر دبر حيلة، وذلك بأنه تمارض فدخل الأمير ألطنبغا الجو بأني يعوده في العشر الأوسط من شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، فقبض عليه منطاش وعلى غيره ممن دخل من أمراء الناصري لعيادته، ونهض منطاش من وقته، وأمر لجماعة من حواشيه بالطلوع إلى سطح مدرسة السلطان حسن وبالرمي على الناصري بسكنه بباب السلسلة، كل ذلك والناصري لا يكترث بذلك إلى أن عظم الأمر، وتناوشوا بالقتال وتراموا بالسهام، ثم قوى الرمي على باب السلسلة من مدرسة السلطان حسن، واستمر ذلك بينهم أياماً، وكل يوم يقوى جانب منطاش إلى أن اجتمع عليه كثير