للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غليظ الأصابع، سميك الأكارع، مستكمل البنية، مسترسل اللحية، أشل اليد، أعرج اليمنى، تتوقد عيناه، جهوري الصوت، لا يهاب الموت، قد بلغ الثمانين وهو متمتع بحواسه وقوته.

وكان يكره المزاح، ويبغض الكذاب، قليل الميل إلى اللهو، على أنه كان يعجبه، وكان نقش خاتمه راستى رستى ومعناه صدقت نجوت، وكان لا يجري في مجلسه شئ من الكلام الفاحش ولا يذكر فيه سفك دماء ولا سبى ولا نهب ولا غارة، وكان مهابا مكاعا، شجاعاً مقداماً، يجب الشجعان ويقدمهم، وكانت له فراسات عجيبة، وله سعد عظيم وحظ زائد من رعيته، وكان له عزم ثابت وفهم دقيق، محجاجا جدلا، سريع الإداراك، ريضا متيقظاً يفهم الرمز، ويدرك اللمحة، ولا يخفى عليه تلبيس ملبس وكان إذا أمر بشيء لا يرد عنه، وإذا عزم على رأى لا ينثنى عنه، لئلا ينسب إلى قلة الثبات.

وكان يقال له صاحب قران الأقاليم السبعة، وقهرمان الماء والطين، قاهر الملوك والسلاطين.

وكان مغرما بسماع التاريخ وقصص الأنبياء عليهم السلام، حتى صار لمعرفتها يرد على القارئ إذا غلط فيها في القرآن. وكان يحب أهل العلم والعلماء، ويقرب السادة الأشراف، ويدنى منه أرباب الفضائل في العلوم والصنائع، ويقدمهم على كل أحد، وكان انبساطه بهيبه ووقار، وكان يباحث أهل العلم وينصف

<<  <  ج: ص:  >  >>