الليلة، ونزل بمخيمه، وأقمنا يومنا، فلما كان في الليل جاءتنا الأخبار بفرار الملك الناصر فرج بن برقوق وأمرائه، فخرج من مبيته، وصرنا إليه مع أولاده وأمرائه ليلا، فسألته من أين علمت أنهم يهربون؟ قال: أني لما سرت لرؤيتهم لم أرلهم كشافة، فدنوت منهم، وماثلتهم فإذا هم طوائف طوائف، فأردت أن أعلمهم بمجيء إليهم، فأمرت الرجل حتى مضى نحوهم ثم عاد إلىّ فخدمني كما يخدم الملوك فلم يفطنوا بي، هذا وأنا محاربهم ولا شئ أهم عند المحارب ممن يحاربه، فلما علمت أنهم غير مهتمين بي، وأنهم مع ذلك كل طائفة منضمة بعضها إلى بعض، علمت أنهم في أمر يهمهم، ولا شئ إلا في فرارهم، فهم مهتمون كيف يفرون. انتهى كلام المقريزى باختصار.
قلت: وله أشياء كثيرة من هذا النمط، منها أنه لما دخل بلاد الهند نازل قلعة منيعة لأترام لعلوها، وتعذر النزول حولها فناوش أهلها من بعيدوهم يرومونه من أعلاها حتى قتلوا كثير من عسكره، وكان من أمرائه محمد فاوجين، وكان عنده بمكانة، وله به اختصاص زائد بحيث أنه تقدم عنده على جميع الأمراء والوزراء، فجلس على عادته ثم قال له: يا مولانا هب أنا فتحنا هذه القلعة بعد أن أصيب منا جماعة هل يفي هذا بذا، فلم يجبه تيمور بل طلب رجلاً من المطبخ قبيح المنظر رسخ الثياب مسود الوجه واليدين بالدخان يقال له: هراملك، فعندما حضر الرجل المذكور أمر تيمور بنزع ثياب قاوجين عنه، فنزعت، ثم أمر بنزع خلقات هراملك عنه فنزعت أيضاً، وألبس كلا منهما