ودام بالديار المصرية إلى تجرد الملك الناصر فرج ثانياً نحو البلاد الشامية، فلما وصل إلى دمشق وقبض على الأميرين الأتابك يشبك الشعباني وشيخ المحمودي نائب الشام، أعنى المؤيد، وحبسهما بقلعة دمشق، وكان الأمير جاركس هذا قد تأخر عن الخدمة في ذلك اليوم، فلما بلغه الخبر فر من ساعته، فلم يدرك، وذلك في يوم الأحد خامس عشرين شهر صفر سنة عشرة وثمانمائة، وتوجه إلى جهة حلب، فلما كان ليلة الإثنين ثالث ربيع الأول فر الأميران يشبك وشيخ من حبس قلعة دمشق باتفاق من نائبها الأمير منطوق، وفر معهما، فاختفى شيخ بدمشق، وسار يشبك حتى اجتمع بالأمير جاركس المصارع هذا على حمص.
وأما منطوق فكان من خبره أنه لما خرج مع الأتابك يشبك وسارا إلى جهة حلب، وبلغ الملك الناصر خبرهما، أرسل بطلبهما الأمير بيغوت، فساق يشبك ونجا بنفسه، وتخلف منطوق عن السوق حتى قبض عليه بيغوت وقطع رأسه، وبعث به إلى الملك الناصر فرج لأن منطوقاً كان مجسماً بديناً قد كلت به خيوله حتى قبض عليه، ثم أرسل السلطان الملك الناصر فرج بالأمير سلامش إلى الأمير نوروز الحافظي، وعلى يده تقليده بنيابة دمشق، عوضاً عن الأمير شيخ المحمودي، وندبه لقتال العصاة من أمرائه.