ثم أن شيخاً اجتمع بالأمير يشبك والأمير جاركس هذا وطرق دمشق بهما في ليلة الأحد ثامن شهر ربيع الآخر
من السنة، ففر من كان بها من الأمراء، وملكها شيخ وأقام بها، وعنده يشبك وجاركس، أياماً قلائل حتى ورد عليهم الخبر بنزول بكتمر جلق على مدينة بعلبك، فعند ذلك برز إليه الأميران يشبك وجاركس بمن معهم غارة لقتاله، فوافاهم الأمير نوروز على غفلة وقاتلهم، فكانت بينهم وقعة هائلة، قتل فيها يشبك وجاركس صاحب الترجمة، وذلك في يوم الجمعة ثالث عشر شهر ربيع الآخر سنة عشر وثمانمائة، رحمهما الله تعالى.
وكان الأمير جاركس المذكور اميراً جليلاً، شجاعاً مقداماً، رأسا في الصراع، معدوداً من نوادر الدنيا، لم يخلف بعده مثله في فنه، بل ولا رأى هو مثل نفسه، هذا مع الخلق الحسن، وصباحة الوجه، وكان طوالا جسيماً، أسود اللحية جيدها، وكان مع شدته وعظيم قواه هينا ليناً، بشوشاً لطيفاً، حلوا المحاضرة، كريماً، وهو أخو الملك الظاهر جقمق، نصره الله، وهو الأسن والسبب في ترقية، وكلاهما جاركسى الجنس، رحمه الله.