وتزايدت الهموم والمحن على السلطان في هذه المدة من سائر الجهات، وبقى في حيرة، وصار تارة يشتغل بتجهيز العساكر لقتال العصاة من النواب بالبلاد الشامية، وتارة في طلب العزيز وفي الفحص عنه، ولا زال على ذلك إلى يوم الأربعاء ثالث عشرين شوال من سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة ظفر بسر النديم دادة الملك العزيز بعد ما كبس عليها عدة بيوت، وعوقب جماعة، وقاست الناس في هذه المدة أهوالا بسبب العزيز وحواشيه، ثم ظفر السلطان بالطواشي صندل الهندي فتحقق منهما أن العزيز وإينال لم يخرجا من القاهرة، وأنهما لم يجتمعا قط، فهان عليه الأمر قليلا، فإنه كان في ظن السلطان أن الأمير إينال أخذ العزيز على نجبه التي هيأها لسفر الججاز، ومضى به إلى الأمير إينال الجكمى نائب الشام.
قلت: ولو كان اينال فعل ذلك لكان تم أمر الملك العزيز، فما شاء الله كان. ثم اجتهد السلطان في طلب العزيز، وطرق الناس بهذا السبب أهوالاً ومحن إلى ليلة الأحد سابع عشرينه قبض على الملك العزيز، فاستراح بالقبض عليه وأراح، وهو أنه لما نزل من القلعة واختفى كان معه طواشيه صندل وأزدمر مشده، وطباخه إبراهيم لا غير، وصار العزيز ينتقل بهم من موضع إلى موضع لكثرة ما يكبس عليه، وصار كل يوم في رجيف ومحنة، حتى وقع بين أزمر وصندل الطواشي، وطرد صندل، ففارق صندل العزيز ومضى إلى حال سبيله بعد أن أنعم عليه العزيز بخمسين ديناراً، ثم أن أزدمر طرد أيضاً إبراهيم الطباخ، وبقي