مع العزيز وحده ليكونا أخف على من يختفيا عنده، هذا والسلطان يستحث في طلبهما حتى ضيق عليهما المسالك، واستوحش من قبولهما كل أحد حتى أرسل العزيز إلى خاله الأمير بيبرس، أحد أمراء العشرات وأعلمه بمجيئه ليختفي عنده، فواعده بيبرس المذكور أن يأتيه ليلاً، ثم خاف بيبرس عاقبة ذلك، فأعلم جاره الأمير بلباي الإينالي المؤيدي، أحد أمراء العشرات ورأس نوبة، بذلك، وقال: يقبح بي أن يكون مسك العزيز على يدي، ولكن أفعل أنت ذلك، وأعلمه بطريقة التي يمر منها في قدومه، فترصد له يلباى المذكور، ومعه أناس قلائل جداً، بزقاق حلب خارج القاهرة، حتى مر به الملك العزيز بعد عشاء الآخرة ومعه أزدمر، هما في هيئة مغربيين، فوثب يلباى على أزدمر ليقبض عليه، فدفع عن نفسه، فضربه يلباي أدمى وجهه وأعانه عليه من معه حتى أوثقوه، وأخذوا العزيز وعليه جبة صوف حتى طلعوا بهما إلى القعلة من باب السلسلة، العزيز حاف، وقد أخذ مملوك من المؤيدية بأطواقه إلى أن أوقف بين يدي الملك الظاهر جقمق، فكادت نفسه تزهق فرحاً، فأوقفه الظاهر ساعة، ثم أدخله إلى قاعة العواميد من الدور، عند زوجته خوند الكبرى مغل بنت القاضي ناصر الدين محمد بن البارزى، وأمرها أن تجعله في المخدع، ولا تبرح عن بابه، وأن تتولى أمر أكله وشربه، فأقام على ذلك مدة، ونقل إلى الأسكندرية وحبس بها، على ما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى.