وأما جكم هذا فانه نزل بمن معه على بر منبابة ليلة الثلاثاء، فتركه الأمير نوروز وعدي إلى بربولاق، ثم حضر إلى بيت الأتابك بيبرس، وكان بيرس وإينال باي قد تكلما مع السلطان في أمره، وطلعا به إلى السلطان، فأمنه ووعده بنيابة دمشق، فاختل عند ذلك أمر جكم وتفرقت عنه أصحابه، وبقي فريداً، فكتب إلى بيبرس يستأذنه في الحضور، فبعث إليه بالأمير أزبك الأشقر، وبسباي الحاجب، فقدما به ليلة الأربعاء حادي عشرينه، فتسلمه عدوه سودون طاز وقيده، وبعث به إلى الإسكندرية في ليلة الخميس، فسجن حيث كان عدوه الأمير يشبك محبوساً، واستقر يشبك في الدوادارية على عادته أولاً.
والغريب أن حكم لما كان في الحبس بالإسكندرية قبض الملك الناصر على عدوه سودون طاز وحبسه بحبس المرقب، ونقل جكم إلى حبس المرقب أيضاً، فحبسا معاً فهذه أغرب من قضيته مع يشبك، وذلك في سنة خمس وثمانمائة.
واستمر جكم محبوساً إلى أن أخذه الأمير دمرداش المحمدي نائب طرابلس لما ولى نيابة حلب، ممسوكاً معه إلى حلب، وكان وصول دمرداش إلى حلب في مستهل شهر رمضان سنة ست وثمانمائة، واستمر جكم أيضاً محبوساً عنده بدار العدل إلى أن توجه دمرداش من حلب في ذي القعدة لقتال صاحب الباز التركماني، فصحب جكم معه إلى قلعة القصير، فحبسه بها، ثم أخذه منها في عوده