وكانت العادة بديار مصر أن يدعى على منابرها أيام الجمع وفي الأعياد، ويذكر كنية الخليفة ولقبه، فمن حين منع المستعين بالله في أول شعبان من السنة الحالية، لم يذكر على المنبر.
قول الشيخ تقي الدين: منع، أي من السلطنة؛ فإنه دام خليفة بعد ذلك مدة. ثم قال: واستمروا على ذلك في أيام المعتضد. وصار من الخطباء من يقول: اللهم أصلح الخليفة، من غير أن يعينه. ومنهم من يقول: اللهم أيد الخلافة العباسية ببقاء مولانا السلطان. ومنهم من يقتصر على الدعاء للسلطان. انتهى كلام المقريزي.
قلت: وهذه البدعة السيئة بقيت إلى يومنا هذا. وأما قول المقريزي: لم يقع خلع المستعين ولا قامت بينة بما يوجب شغور الخلافة، ليس هو كذلك، بل إنما الملك المؤيد لما أراد أن يتسلطن لم يلبس الخلعة السوداء حتى خلع القضاة المستعين من السلطنة، لأمور توجب خلعه، ثم أبقوه على الخلافة إلى أن خرج الأمير نوروز الحافظي نائب الشام عن طاعة الملك المؤيد، ودعا للمستعين بالسلطنة، وصار يخطب بالبلاد الشامية له.
وبلغ المؤيد ذلك؛ فجمع القضاة، وحذرهم وقوع فتنة من هذه القضية؛ فأشار بعض القضاة بخلعه من الخلافة، صيانة لدم المسلمين، وخوفاً من إفساد أحوال الرعية، فمنع المستعين بدار بالقلعة، وطلب المعتضد؛ فهذا خلع وزيادة.