إلى الملك الناصر صاحب حلب يطلب منه أن يسلم إليه عمه الملك الصالح إسماعيل، فقال: كيف أسيره إليه وقد استجار بي، وهو خال أبي ليقتله؛ فرجع إليها زهير إلى الملك الصالح بذلك، فعظم على الصالح وسكت عن حنق.
ولما كان الملك الصالح مريضاً بالمنصورة في حصار الفرنج لها تغير على البهاء زهير وأبعده؛ لأنه كان كثير التخيل والغضب والمعاقبة على الوهم. وكانت السيئة عنده ما تغفر.
ولما مات الملك الصالح اتصل البهاء زهير بخدمة الملك الناصر صاحب الشام. وله فيه غرر مدائح. ثم رجع إلى القاهرة، ولزم داره يبيع كتبه وموجوده حتى انكشف حاله بالكلية.
وكان البهاء زهير - فيما قيل - أسود اللون، قصيراً، شيخاً بذقن مقرطمة صغيرة؛ فكان يسلك مسلك ابن الزبير في وضع الحكايات على نفسه حذقاً منه؛ لئلا يدع للناس عليه كلاماً. من ذلك أنه حكى مرة لجماعة الديوان، قال: جاءت اليوم إلي امرأة ما رأيت عمري أحسن منها، وراودتني على ذلك الفعل. فلما كان ما كان أردت أن أدفع إليها شيئاً من الذهب، فقالت: ما فعلت هذا من حاجة، ولكن أرأيت عمرك أحسن مني، فقلت: لا والله، فقالت: إن زوجي يدعني ويميل إلى واحدة ما رأيت عمري أوحش منها. فلما عذلته ونهيته وما انتهى، أردت مكافأته، وقد فتشت هذه المدينة، فلم أر فيها أوحش منك، ففعلت معك هذا مقابلة لزوجي. فقلت لها: ها أنا هاهنا كلما اجتمع زوجك بتلك تعالي أنت إلى هنا انتهى.