وتزوج بها، فولد له أحمد هذا، ونشأ ببرصا على قدم هائل، ثم قدم إلى القاهرة شابا ونزل بخانقاة شيخو، وطلب العلم فقرأ على إمام الخمس بها خير الدين سليمان بن عبد الله، وعلى غيره.
وكان فقيرا جدا، ينسخ للناس بالأجرة ويتقوت بذلك، وهو مكب على طلب العلم، ودام على ذلك مدة طويلة إلى أن استقر من جملة الصوفية بمبلغ ثلاثين درهما في كل شهر، فتعفف بذلك عن النسخ وغيره، وانقطع عن مجالسة الناس والاختلاط بهم، وسكن ببيت بالخانقاة المذكور، وأعرض عن كل أحد، واجتهد في العبادة والعمل، واقتصر على ملبس خشن حقير إلى الغاية، وصار يقنع بيسير القوت، ولا ينزل من بيته إلا لشراء قوته، ثم يعود إلى منزله بالشيخونية، وكان لا ينزل من بيته إلا كل ثلاثة أيام مرة بعد العشاء الآخرة، وكان إذا حاباه أحد من السوقة فيما يشتريه من قوته تركه وما حاباه به، فلما عرف بذلك ترك الباعة المحاباة له، ووقفوا عندما يشير لهم به، وكان لا يقبل من أحد شيئا بحيث أنرجلا دس عليه شيئا في قفته وهو قليل من الموز، والشيخ لا يشعر بذلك، فلما رآه عند طلوعه إلى منزله عاد، ولم يزل بالرجل إلى أن عرفه ورد له الموز المذكور.
وكان يغتسل بالماء البارد شتاء وصيفا في بكرة نهار كل جمعة، ويمضي إلى صلاة الجمعة من أول نهار الجمعة، ويأخذ في الصلاة والقراءة وأنواع العبادة حتى