هذا أجرتك، وكان تمر به الأعوام الكثيرة لا يتلفظ بكلمة مع أحد سوى قراءة القرآن وذكر الله، وكان خادم الخانقاة يحمل إليه كل شهر الثلاثين الدرهم فلا يأخذها إلا عداد، فإن المعاملة بالفلوس وزنا حدثت بعد انقطاعه عن الناس، فكان لا يعرف إلا المعاددة.
ولم يزل على ذلك إلى أن توفي بخانقاة شيخو في ليلة الأربعاء ثاني شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وثمانمائة، وحمل من الغد حتى صلي عليه بمصلى المؤمنى من تحت القلعة، وحضر السلطان الملك الأشرف برسباي الصلاة عليه، وتقدم قاضي القضاة بدر الدين محمود العينتابي الحنفي فصلى عليه بمن حضر، ثم أعيد إلى الخالقاة الشيخونية بالصليبة ودفن بها، وهناك كان سكنه، وحمل نعشه على الأصابع لكثرة ازدحام الخلق على حمله.
وبالجملة فإنه كان فريد عصره في العبادة الزهد، لم نر في عصرنا من داناه ولا قاربه في طريقته، رحمة الله تعالى.