مدبر المملكة استقر الأشقر في نيابة الشام، فوصل إلى دمشق بعظمة زائدة، وخرج إلى لقائه أهل دمشق، وزينت دمشق لقدومه. واستمر إلى أن تسلطن قلاوون، فلم يرض بذلك سنقر المذكور، وتسلطن هو أيضاً بدمشق، بعد أن استولى على قلعتها، ولقب بالملك الكامل، وجهز العساكر إلى نحو غزة، وجرت له أمور. ثم إن الملك المنصور قلاوون أرسل إليه عسكراً كثيفاً إلى دمشق، ومقدم العسكر الأمير سنجر الحلبي، وكان الأمير سنجر أيضاً قد تغلب على الملك الظاهر بيبرس في أول سلطنته، وتسلطن ولقب بالملك المجاهد، ثم قبض عليه الملك الظاهر، حسبما ذكرناه في ترجمته.
ولما اتصل الخبر إلى سنقر الأشقر بوصول الأمير سنجر مقدم العساكر إليه، خرج هو بنفسه وبجميع من عنده من العساكر إليه، والتقى الجيشان يوم الأحد سادس عشر صفر وقت طلوع الشمس، وتقاتلا أشد القتال، وثبت الملك الكامل سنقر الأشقر، وقاتل قتالاً عظيماً واستمر القتال إلى الرابعة من النهار، ولم يقتل من الفريقين إلا نفر يسير جداً، وخامر أكثر عسكر دمشق على سنقر الأشقر، فعند ذلك انهزم سنقر الأشقر وتوجه إلى رحبة مالك ابن طوق، ومعه عيسى بن مهنا، وتسلم المصريون دمشق.
ثم جهز الأمير سنجر فرقة من العساكر تقارب ثلاثة آلاف فارس في طلب سنقر الأشقر ومن معه من الأمراء والجند، ثم ردفهم بعسكر آخر من دمشق،