ذلك، فرحل من قارا إلى جهة بعلبك، فتبعهم الملك الناصر، ونزل أثقاله بحسيا وسار في إثرهم. فتوجهوا إلى البقاع فقصدهم وقفا أثرهم، فمضوا نحو الصبيبة وهو يتبعهم حتى نزلوا اللجون. فأشار على الملك الناصر أصحابه، بالعود إلى دمشق، ويرسل لهم عسكراً، فلم يرض الناصر بذلك وقصدهم، وركب من ساعته وساق وهو ثمل، وفي ظنه أنه ساعة ما يقع بصره عليهم يأخذهم. وساق حتى وصل إلى اللجون، فما وصل إليها حتى تقطعت عساكره من شدة السوق، ولم يبق معه من عسكره إلا القليل، وقد دخل وقت العصر، من يوم الإثنين ثالث عشر المحرم. فأشار عليه الأتابك دمرداش المحمدي، أن يبيت تلك الليلة هناك حتى تستريح خيوله، ثم يركب من الغد ويواقعهم، فقال له الناصر وما فائدة ذلك. فقال له دمرداش: يا خوند الراحة، وأيضاً فينا من له ميل إلى هؤلاء، فإذا بتنا في مكاننا هذا، يتسحب عنا من له غرض عند هؤلاء، ويبقى عندنا من هو منا، فنعرف عند ذلك ما مقدار عسكرنا، وما نقدم عليه. فنهره الملك الناصر، وقال: أنا لي سنين أترقب هذا اليوم، وقد حصل لي ما رمته فأبيت هنا فيفروا الجميع، ويتبعوني أيضاً في طلبهم، ثم حرك فرسه ودق طبله وساق.