عند عدة ملوك إلى أن خرج من تونس منتصف شعبان سنة أربع وثمانين فوصل ثغر الإسكندرية يوم عيد الفطر ودخل القاهرة في عشر ذي القعدة من السنة واستوطن القاهرة، وتصدر للإقراء بجامع الأزهر مدة، واشتغل وأفاد، ثم صحب الأمير علاء الدين الطنبغا الجوباني فأوصله إلى الملك الظاهر برقوق فولاه تدريس المدرسة القمحية بجوار جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه، ثم ولاه الملك الظاهر برقوق قضاء القضاة المالكية بديار مصر في يوم الاثنين تاسع عشر جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وسبعمائة، فباشر بحرمة وافرة، وعظمة زائدة، وحمدت سيرته، ودفع رسائل أكابر الدولة وشفاعات الأعيان، فأخذوا في التكلم في أمره ولا زالوا بالسلطان حتى عزله في يوم السبت سابع جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وسبعمائة بقاضي القضاة جمال الدين عبد الرحمن بن خير، فلزم المذكور داره إلى أن أعيد إلى القضاء بعد مدة طويلة في يوم الخميس النصف من شهر رمضان سنة إحدى وثمانمائة، واتفق عبد توليته بمدة يسيرة موت الملك الظاهر برقوق في شوال من السنة فصرف أيضاً في يوم الخميس ثاني عشر المحرم من سنة ثلاث وثمانمائة، وخرج مع السلطان الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية، لقتال تيمور دمشق وأحاط بها نزل إليه المذكور من سور دمشق بحبل وخالط عساكر يتمور لنك بطالاً إلى أن ملك تيمور وطلب منهم يوصلوه بتيمور، فساروا به إليه، فأمر بإحضاره فحضر، فأعجبه حسن هيئته وجمال صورته، وخلبه بعذوبة منطقه ودهاه بكثرة مقالاته بإطرائه، فأجلسه واستدناه،