ابن غازي صاحب حماة، وكان الناصر يعظمه ويكرمه، ويقع بينه وبينه مكاتبات كثيرة، وسافر في خدمته إلى الديار المصرية، ولما توجه الملك الناصر إلى حلب أرسل كاتبه فحضر إلى عنده، أقام بالخدمة الناصرية، ثم عزم على العود إلى حماة فخرج الملك الناصر لوداعه، وأبعد عن البلد فأقسم على أن يرجع، فأنشد الملك الناصر:
يا من يعز علينا أن نفارقهم ... وجداننا كل شي بعدهم عدم
فقال الشيخ شرف الدين مجيباً:
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ... أن لا تفارقهم فالراحلون هم
فقال السلطان: والله لتعودن، فعاد معه وأقام عشرين يوماً أخرى.
والبيتان للمتنبي.
واتفق أن الملك الناصر المذكور كان بعمان، أنشده الشيخ شرف الدين المذكور:
أفدي حبيباً منذ واجهته ... عن وجه بدر التم أغناني
في خده خالان لولاهما ... ما بت مفتوناً بعمان
فأعجبا الملك الناصر وطرب بهما، وكرر إنشادهما، ولب كتاب الإنشاء وقال: مثل هذا يكون معاني الشعر، فقال كمال الدين بن العجمي: أحد كتاب الدرج، يا مولانا هاذان البيتان ما تخدم فيهما النورية ولا يتفق أن يكون المراد إلا اسم المكان، ودخول حرف الجر مانع من غرضه وإلا قال بعمين،