قال العز الأربلي الطبيب: كان المذكور كثير الفضائل، يعرف علوماً كثيرة منها: العربية، ونظم الشعر، والإنشاء، وكان فيه غاية، وعلم التاريخ، وعلم الخلاف، والموسيقى، ولم يكن في زمانه من يكتب الخط المنسوب سوى الشيخ زكي الدين لا غير وهو بعده، وفاق في فنه الأوائل والأواخر، وبه تقدم عند الخليفة، وكانت آدابه كثيرة، وحرمته وافرة، وأخلاقه حسنة طيبة، ثم قال بعد كلام كثير: واجتمعت به في مدينة تبريز في شهور سنة تسع وثمانين وستمائة، وأخبرني صفي الدين المذكور قال: وردت إلى بغداد صبياً، وأثبت فقيهاً بالمستنصرية، شافعياً أيام المستنصر، واشتغلت بالمحاضرات، والآداب، والعربية، وتجويد الخط، فبلغت منه غاية ليس فوقها غاية، ثم اشتغلت بضرب العود، فكانت قابليتي فيه أعظم من الخط، لكنني اشتهرت بالخط ولم أعرف بغيره في ذلك الوقت. ثم إن الخلافة وصلت إلى المستعصم فعمر خزانتي كتب متقابلتين برواق عزيز، وأمر أن يختار لهما كاتبان يكتبان ما يجده، ولم يكن في ذلك الوقت أفضل من الشيخ زكي الدين، وكنت دونه في الشهرة، فرتبنا في ذلك، ولم يعلم الخليفة أنني أحسن الضرب بالعود، وكانت ببغداد مغنية تعرف بلحاظ فائقة الجمال تغني جيداً، فأحبها الخليفة وأجزل لها العطاء، فكثر خدامها وجواريها وأملاكها، فاتفق أنها غنت يوماً بين يديه بلحن طيب