ثم ولى نيابة الحكم بالقاهرة سنين إلى أن شجر بينه وبين قاضي القضاة شمس الدين محمد الطرابلسي الحنفي مخاصمة وصرفه عن نيابة الحكم، ولزم داره مدة عَلَى أجمل حال إلى أن طلبه الملك الظاهر برقوق بعد سنين وولاه قضاء القضاة الحنفية بالديار المصرية عوضاً عن قاضي القضاة شمس الدين الطرابلسي المذكور في يوم الاثنين سابع عشر شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، فلم ينتج أمره في وظيفة القضاء، وكذر تخوفه من الطرابلسي، وصار يعتل فيما يسأل فيه تخوفاً، فوقفت أحوال الناس كثيراً، ولم نحمد سيرته لهذا المعنى فقط، وأخذ القاضي جمال الدين محمود القيصري العجمي يشيع مع ذَلِكَ أن القاضي مجد الدين هذا بتبرم من السفر مع السلطان إلى البلاد الشامية ويريد الأعفاء من المنصب، وكان للقيصري في ذَلِكَ نفع لأنه كان جل قصده أن يلي القضاء عَلَى ما بيده من وظيفة نظر الجيش، وتم له ذَلِكَ بولاية مجد الدين هذا فإنه كان لا يطيق مناولة الطرابلسي، فلما أن ولى المجد وارتبك في المنصب وأعانه عَلَى ذَلِكَ بأن المجد كان قد بدن وتزايد سمنه إلى الغاية.
قال المقريزي: وكان إذا أراد أن ينهض قائماً يعتمد عَلَى يديه، ويرفع عجيزته عن الأرض، ويظل ساعة ويديه ورجليه عَلَى الأرض وعجيزته مرتفعة حَتَّى يستطيع أن يقوم، وفعل ذَلِكَ غير مرة في مجلس السلطان.