فبلغ جمال الدين محمود من كيده بالمجد ما أراد، وظن السلطان أن الأمر كما قال، وأعانه عليه قوم آخرون، فصرفه مع إجلاله له وتعظيمه إياه، فإنه لم يكن ممن كتب لمنطاش في الفتاوي التي كتب فيها الفقهاء بإباحة قتال برقوق وقتله، انتهى كلام المقريزي.
قلت: وصرف قاضي القضاة مجد الدين صاحب الترجمة بالجمال محمود القيصري في يوم الثلاثاء خامس عشر شهر شعبان سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، ولم يكمل في المنصب سنة واحدة، ولزم داره إلى أن توفي أول شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة.
وكان إماماً فقيهاً بارعاً مفنناً، عارفاً بالشروط والوثائق، فكه المحاضرة بهج الزي، وله يد في النظم والنثر، وله ديوان شعر في مجلد، ومن شعره قوله:
إن كنت يوماً كاتباً رقعة ... تبغي بها نجح وصول الطلب
إياك أن تعرف ألفاظها ... فتكتسي حرفة أهل الأدب
وله أيضاً:
ولا تحسبن الشعر فضلاً بارعاً ... ما الشعر إلا محنة وخيال